الاثنين، 14 نوفمبر 2011

الحب ومعانيه

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اولا : درجات الحب ومراحله مرتبة + تعريفها ودلائل عليها

 

الهوى


يقال إنه ميْل النفس ، وفعْلُهُ: هَوِي، يهوى، هَوىً، وأما: هَوَىَ يَهوي فهو

للسقوط، ومصدره الهُويّ.


وأكثر ما يستعمل الهَوَى في الحبِّ المذموم، قال تعالى: (وأمَا من خاف مقام ربه

ونهى النفس عن الهوى * فإنَّ الجَنَّة هي المأْوى ) [النازعات 40-41] .


الصَّبْوة


وهي الميل إلى الجهل، فقد جاء في القرأن الكريم على لسان سيدنا "يوسف" عليه

السلام قوله تعالى:


( وإلا تَصرفْ عني كيدَهن أصبُ إليهنَّ وأكنُ من الجاهلين ).[يوسف30]


والصّبُوة غير الصّبابة التي تعني شدة العشق


الشغف


هو مأخوذ من الشّغاف الذي هو غلاف القلب، ومنه قول الله تعالى واصفاً حال امرأة

العزيز في تعلقها بيوسف عليه السلام ( قد شغفها حُباً ) ، قال "ابن عباس" رضي

الله عنهما في ذلك: دخل حُبه تحت شغاف قلبها.


الوجد


وعُرف بأنه الحب الذي يتبعه الحزن بسبب ما


الكَلَفُ


وهو شدة التعلق والولع، وأصل اللفظ من المشقة، يقول الله تعالى: ( لا يُكلف

الله نفساً إلا وُسْعَهَا )[البقرة286]

العشق


وكما يقال عنه: أمرّ هذه الأسماءُ وأخبثها، وقلّ استعمال العرب القدماء له، ولا

نجده إلا في شعر المتأخرين، وعُرِّف بأنه فرط الحب. قال الفراء: العشق نبت لزج،

وسُمّى العشق الذي يكون في الإنسان لِلصُوقهِ بالقلب.


الجوى


الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حُزْن


الشوق


هو سفر القلب إلى المحبوب، وارتحال عواطفه ومشاعره، وقد جاء هذا الاسم في حديث

نبوي شريف، إذ روى عن "عمار بن ياسر" رضي الله عنه أنه صلى صلاة فأوجز فيها،

فقيل له: أوجزت يا " أبا اليقظان " !! فقال: لقد دعوت بدعوات سمعتهن من رسول

الله صلى الله عليه وسلم" يدعو بهن:


[اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني

إذا كانت الوفاة خيراً لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق

في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك

قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك بَرَد العيش بعد الموت،

وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مُضرة، ولا فتنة

ضالة، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين] .


الوصَب


وهو ألم الحب ومرضه، لأن أصل الوصب المرض، وفي الحديث الصحيح: [ لا يصيب المؤمن

من همّ ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه ] .


وقد تدخل صفة الديمومة على المعنى، قال تعالى:


( ولهم عذابٌ واصبٌ ) [الصافات9]وقال سبحانه: ( وله الدينُ واصباً ) .[النحل

52]


الاستكانة


وهي من اللوازم والأحكام والمتعلقات، وليست اسماً مختصاً، ومعناها على الحقيقة

: الخضوع ، قال تعالى:


( فما استكانوا لربهم وما يتضرعون )[المؤمنون 76] ، وقال: ( فما وَهَنوا لما

أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفوا وما استكانوا )[آل عمران146] .


وكأن المحب خضع بكليته إلى محبوبته، واستسلم بجوارحه وعواطفه، واستكان إليه.


الوُدّ


وهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازم فيه عاطفة الرأفة والرحمة، يقول الله

تعالى: (وهو الغفور الودود)[البروج14] ، ويقول سبحانه: (إن ربي رحيم

ودود)[هود90] .


الخُلّة


وهي توحيد المحبة، وهي رتبة أو مقام لا يقبل المشاركة، ولهذا اختص بها في مطلق

الوجود الخليلان "إبراهيم" و"محمد" صلوات الله وسلامه عليهما ، قال تعالى:

(واتَخَذَ اللهُ إبراهيم خليلاً)[النساء125] .


وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ

إبراهيم خليلاً ] وقال صلى الله عليه وسلم: [ لو كنت متخذاً من أهل الأرض

خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن ]، وقال صلى الله عليه

وسلم: [ إني أبرأ إلى كل خليل من خلته].


الغرامُ


وهو الحب اللازم، ونقصد باللازم التحمل ، يقال: رجلٌ مُغْرم، أي مُلْزم بالدين


الهُيام


وهو جنون العشق، وأصله داء يأخذ الإبل فتهيم لا ترعى، والهيم (بكسر الهاء)

الإبل العطاش، فكأن العاشق المستهام قد استبدّ به العطش إلى محبوبه فهام على

وجهه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وانعكس ذلك على كيانه النفسي والعصبي فأضحى

كالمجنون، أو كاد يجنّ فعلاً على حد قول شوقي :


ويقول تكاد تُجَـنُّ به -----------فأقول وأوشك أعبُده


التعبد


التعبد هو غاية الحب وغاية الذُل يقال: عَبّده الحبُّ أي ذلّله وطريق معبّد

بالأقدام، أي مذلل، وكذلك المحب قد ذلـلّه الحب ووطّأه، ولا تصلح هذه المرتبة

إلا لذات الله تعالى فمحبة العبودية أشرف أنواع المحبة، وهي خالص حق الله على

عباده . وجاء في الصحيح عن "معاذ بن جبل" رضي الله عنه قال:


(كنت سائراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [ يا معاذ] … قلت: لبيك يا

رسول الله وسَعدَيك ، قال: [ أتدري ما حق الله على عباده ؟ ] قلت : الله ورسوله

أعلم، قال: [حقه عليهم أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً… أتدري ما حق العباد على

الله إذا فعلوا ذلك ؟ ألا يعذبهم بالنار]

ثانيا : مفهوم الحب في الاسلام

أعلى درجات الحب في الإسلام

لم يعل الإسلام شيئاً مثلما أعلى من شأن الحب، حتى أنه ربطه بالرب سبحانه وتعالى وجعل الله عز وجل هو الغاية التي ينتهي إليها الحب أيا كان نوعه . الإسلام حينما فعل ذلك أراد أن يجرد الحب من كل رباط محسوس، ومن كل رغبة أو شهوة بشرية آنية، تتلاشى لحظة تحققها، ليجعله متصلا بالله مباشرة . فالحب فيه سبحانه أسمى درجات الحب ، ولا يتحقق إيمان بشر، إذا لم يحب الله والرسول صلى الله وعليه وسلم ، ولا يتحقق إيمانه كاملاً إذا لم يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه.


لقد صار كل حب في الإسلام غايته الحب في الله . وحينما يؤكد الإسلام على هذا الجانب ، فإنه يهدف إلى تجاوز المادي إلى الروحاني .. و الأرضي إلى العلوي السماوي .

كيف ... ؟

إن المادي والأرضي ينتهيان إلى الفناء ، أما الروحاني والعلوي فمصيرهما الخلود . أليس الزواج بين رجل و امرأة هو نتيجة حب، بشكل من الأشكال. تأمل كيف ينظر الإسلام لأنواع الحب التي تؤدي إلى نشوء علاقة بين رجل و امرأة، تقود إلى الزواج.

المال أولاً ثم الجمال (أي ميزات الجسد ) ثم المكانة الاجتماعية وأخيراً الدين بما يعني من تمثل لكافة القيم العليا التي جاء بها الإسلام ، وفي مقدمها حب الله سبحانه، من خلال تنزيهه بالتوحيد ، وأن لا يشرك معه أحداً. الإسلام يثمن عالياً الحب الأخير لأن غايته الله سبحانه ، و ينعي على الفرد تطلعه للأنواع الأخرى. الأنواع الأخرى .. مادية .. زائلة .. مصيرها إلى الفناء : المال يفنى ، والجسد يبلى ، والمكانة الاجتماعية تزول .


لأن الحب طبيعته هكذا ، فإنه يقاوم عوامل الفناء ، بل هو يتجدد باستمرار .. إنه يستمد حياته من الذات العليا ، التي هي مصدر الخلود . إن من طبيعة المادي أنك حينما تمتلكه تزهد فيه ، لأنه يفتقد لخاصية التجدد والتسامي ، التي يملكها الروحاني . أضرب لك مثالاً : ألسنا نشتهي الطعام اللذيذ، وحينما نملكه .. نمله ونزهد فيه. ألسنا نعشق الجمال، فإذا ما أدركناه تطلعنا لآخر غيره .


انظر إلى حسن التعامل ، الأدب ، الأخلاق ، الرحمة ، التعاون. ألسنا إذا ما وجدناها في إنسان تعلقنا به، و كلما ازداد تمثلاً لهذه الخصال، زاد تمسكنا به. الإسلام تعامل مع هذين النوعين .. المادي و الروحاني، على أساس من قدرة كل نوع على منح السعادة ، لأكبر عدد ممكن من الناس ولأطول مدة ممكنة.


الجمال مثلاً، يمكن أن يمنح السعادة والمتعة لشخص واحد فقط، هو ذلك الذي يباشر الجمال .. بطبيعته المحسوسة ، بشكل أولى، ولمدة محدودة، هي الفترة الزمنية التي يكون فيها محتويا على عنصر الحياة والحيوية، قبل أن تأتي على نضارته عوامل الزمن. بل إن الطبيعة المادية المحسوسة له، تجعل الاستمتاع به مرهون بلحظة المباشرة أو اللذة الآنية .


على الجانب الأخر ، خذ الأخلاق كمعادل لجمال الروح ، بما تحويه من رحمة ، وعطف ، وتعاون ، وأدب ، وغيرها من الخصال الحميدة. كم من الناس تمنحهم السعادة ، دون أن يكون لعامل الزمن أثر على امتدادها في عمق الزمان ، أو يمنع من شمولها و تمددها عائق المكان. الحب من هذا النوع يتجاوز الجسد .. ليعانق الروح في أفقها السرمدي .


جمال الروح يمكن أن يوجد في الرجل ، وفي المرأة ، وفي الأبيض و الأسود ، والشيخ والطفل . أما الجمال المادي .. في الجسد .. في المحسوس .. فلا . إنه امتياز خاص ، لفئة محدودة من الناس اختارها الله ، لحكمة يعلمها هو سبحانه .


الحب على أساس من الروح يفتح المجال واسعاً للترقي في مدارج الكمال، فارتباط الروح بالذات العليا، يمنحها القدرة على الإبداع والتسامي .. والزيادة . فنحن نستطيع أن نكون أكثر رحمة، وأكثر عطفا ً، وأكثر تسامحاً مرة بعد مرة، مدفوعين بالحب الأسمى .. حبه سبحانه وتعالى.

لكننا لا نستطيع أن نكون أجمل، وأجسامنا لن تكون أكثر نضارة، وأنفاسنا لن تكون أطيب رائحة .. في كل مرة، لأن الجسد مرتبط بالأرضي الفاني، وجدير بحب كهذا أن يؤول للزوال .


كاتب المقال: د. محمد الحضيف

المصدر: موقع الدكتورمحمد الحضيف


تعريف الحب : ما هو الحب

درجات الحب في الاسلام

الدعوة والداعي

الخطابة في العصر الجاهلي

تعريف الخط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق