الأحد، 3 يونيو 2012

أعراض مرض الكزاز

الــكـــزازمرض ينجم عن جروح بسيطة ، لاتكاد تثير الانتباه...


مقدمة : 

تقوم بكتيريا الكزاز ، بعد نفاذها ، إلى الجسم ، بإفراز مادة سامة ، تمنع عضلات الجسم من أداء وظائفها الطبيعية . و تتجلى خطورة هذه الظاهرة على مستوى العضلات التنفسية بالأساس . أما الوقاية من هذا الداء فإنها تتلخص في لفظة واحدة : التلقيح.

يعتقد عدد كبير من الناس أن مرض الكزاز Tétanosلا يترتب سوى عن الجروح العميقة التي تتسبب فيها أشياء صدئة كالمسامير أو غيرها. بيد أن هذه الجروح ليست هي وحدها التي تؤدي إلى الكزاز. فهذا المرض ، ذو الخطورة التي يعرفها الجميع ، قد ينشأ كذلك من جراء جروح شديدة البساطة . بل ان بعض حالات الكزاز قد تحدث بعد مرور أيام قليلة على نفاذ شوكة صغيرة إلى البشرة، أو تحت أحد الأظافر!

و إذا كان الشخص الذي يتعرض لجرح بليغ، بمسمار صديء ، على سبيل المثال ، سيتوجه فورا إلى المستشفى، بغية اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة ، فان ذلك الذي قد تخدشه شوكة صغيرة لن يولى أي اهتمام للمسألة ، مما يتركه عرضة لحدوث المرض الذي نتحدث عنه. و لهذا السبب بالذات يؤكد الأطباء على أن التلقيح Vaccination هو الوسيلة الوحيدة الفعالة، للبقاء في مأمن من هذا المرض الاعفاني الوبيل. 

وينجم مرض الكزاز، كما هو معروف، عن نفاذ بكتيريا، لها شكل عصية Bacille، إلى الجسم ، و هي تسمى العصية الكزازية ، أو عصية نيكولايير Nicolaïer نسبة إلى مكتشفها.


هذه الكائنات الدقيقة ، التي لا ترى إلا بالمجهر، تلحق ضررا شديدا بالكائن البشري ، إذا هي نفذت إلى جسمه . إنها بكتيريات الكزاز، التي تصمد طويلا في أقسى الظروف المناخية ، في انتظار أن تتاح لها فرصة النفاذ إلى الجسم البشري . و وحده التلقيح يمكن من العيش في مأمن تام من هذه الجراثيم الشرسة .


و لا تنفذ هذه العصية البكتيرية إلى الجسم عن طريق الجروح الطارئة فحسب ، و لكنها قد تستطيع النفاذ ، أيضا ، عبر القروح الجلدية المزمنة ، التي تشاهد لدى المصابين باضطراب في الدورة الدموية بالساقين ، أو لدى المرضى بالسكري.

كما أن الإجهاض ، الذي يتم في ظروف غير طبية، يعرض هو الآخر لنفاذ هذه العصية إلى الجسم ، و بالتالي لمرض الكزاز. 

و مما يجدر ذكره أن عصية الكزاز تتميز بقدرة كبيرة على المقاومة ، وعلى البقاء ، حتى حين يكون الوسط الذي توجد فيه غير ملائم لها. إذ تتحول، عندئذ، إلى بوغ Spore ، .و تبقى كذلك ، إلى أن تتهيأ لها ظروف أفضل، فتستعيد شكلها الطبيعي. و توجد هذه العصية ، بأعداد تفوق الحصر ، في التربة، و في الأماكن الملوثة ، تقريبا.

أما أخطر خاصياتها فهي قدرتها على إفراز مادة سامة ، تدعى " السمين " Toxine ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، خلال الحديث عن البكتيريات، بشكل عام ، و هذا السمين هو الذي يعرض حياة المريض بالكزاز للخطر ، بسبب تأثيره على عضلات الجسم ، و خاصة منها عضلات التنفس .

و تستمر مدة " الحضانة " Incubation ، في ما يتعلق بالكزاز ، ما بين سبعة و عشرة أيام في المتوسط.ى بمعنى أن الفترة التي تفصل بين نفاذ البكتيريا الكزازية إلى الجسم و ظهور أعراض المرض تتراوح ما بين سبعة و عشرة أيام . و قد تقصر هذه الفترة فلا تزيد عن يومين أو ثلاثة. و قد تطول، في حالات أخرى ، فتتجاوز الشهر.و يتفق معظم الأطباء على أن طول فترة الحضانة قد يكون مرادفا لخطورة أقل ، خلافا لقصرها ، الذي ينذر بصنوف من المضاعفات.

أعراض الكزاز 

و مهما يكن ، فان أول عرض سيشعر به المريض هو الكزاز الفكي Trismus ، أي التقلص الشديد لعضلات الفكين ، و يكون الأمر، في البداية ، عبارة عن ضيق يشعر به المريض، إذا هو حاول أن يفتح فمه. ثم يتفاقم الوضع تدريجيا، إلى أن يصير من المستحيل بالنسبة إلى هذا المريض أن يفتح فمه، مهما حاول ذلك !

و بالموازاة مع ذلك ، تتشنج عضلات الوجه بأكملها ، وتصبح معالمها بادية بوضوح تحت البشرة. مما يجعل سحنة المريض تكتسي مظهرا خاصا، يعرفه الأطباء الممارسون حق المعرفة.

و لا يعاني المصاب بالكزاز من ارتفاع في درجة حرارة الجسم . كما أن ذهنه يبقى يقظا، بكيفية طبيعية. مما يجعله مدركا كل الإدراك لفداحة وضعه.

و شيئا فشيئا ، تتسع دائرة التشنجات العضلية ، لتشمل عضلات القفا ، ثم الجدع . و انئذ ، يتخذ المريض، بالرغم عنه ، وضعا جسديا خاصا، بسبب التقوس المفرط لعموده الفقري.

وبين حين و آخر ، تزداد التشنجات المذكورة حدة، إلى أن تبلغ أوجها ، مما يعرض المريض لمشاكل تنفسية ، ذات خطورة كبرى على حياته. و ذلك بسبب توقف عضلات القفص الصدري عن أداء وظائفها الطبيعية . إضافة إلى ما قد يترتب عن تشنج الزردمة ( أي منفذ الحنجرة ) Glotte من خطورة مماثلة. و كما أشرنا إلى ذلك أنفا ، ففي هذا الجانب بالذات تتجلى فداحة مرض الكزاز.

و على صعيد التشخيص ، يمثل هذا المرض نموذجا للعلل التي يتم تشخيصها بناءا على الأعراض السريرية فحسب، دونما حاجة إلى فحوص شعاعية أو مختبرية ، أو أي شيء من هذا القبيل.

ومن الضروري أن ينقل المريض على وجه السرعة ، إلى المستشفى ، و تحديدا إلى وحدة الإنعاش ، حيث سيخضع لمراقبة طبية دقيقة . فإذا ما بدا للأطباء أن تطور المرض ينذر بالمضاعفات التنفسية التي وصفناها ، فإنهم لن يترددوا في القيام بشق الرغامى ( أي القصبة الهوائية الرئيسية Trachée ) ، درءا للمضاعفات المذكورة . و ما عدا ذلك ، فان العلاج التلطيفي للأعراض سيستمر إلى حين اختفاء السمين الكزازي من الجسم.

و حتى حين يكون تطور المرض محمودا ، إلى حد ما ، فان فترة النقاهة قد تدوم عدة أسابيع ، يعاني المريض خلالها من تصلب العضلات ، ومن مختلف المضاعفات المترتبة عن الإجراءات الإنعاشية ، ومن هزال شديد كذلك. 

ولهذه الأسباب كلها تمثل الوقاية من هذا المرض الخطر أفضل وسيلة لمحاربته. وترتكز هذه الوقاية على التلقيح بالأساس. مع العلم أن لقاح الكزاز يندرج ضمن جدول اللقاحات الإجبارية في معظم البلدان. ومن الضروري أن يتلقى كل شخص حقنة جديدة من هذا اللقاح ، على رأس كل عشر أو حتى خمس سنوات ، خصوصا إذا تعلق الأمر بأشخاص معرضين ، بحكم مهنتهم مثلا ، للكزاز .

ويمثل تلقيح النساء الحوامل ضد هذا المرض وسيلة فعالة الحماية مواليدهن منه. خاصة وان الكزاز يكتسي خطورة مطلقة لدى الوليد .

أما بالنسبة إلى الإجراءات الوقائية التي ينبغي اتخاذها ، فورا ، لدى أي شخص أصيب بجرح يعرضه للكزاز ، فإنها ترتكز على هذا المصل المضاد للكزاز ، Sérothérapie anti- Tétanique

إضافة إلى اللقاح . وتختلف الطريقة حسب ما إذا كان الشخص المذكور قد لقح ضد هذا المرض، في السابق ، أم لا ، وحسب الفترة الزمنية التي مرت على هذا التلقيح كذلك .

وبفضل هذه الإجراءات ، يتم تفادي كل المعاناة وكل المضاعفات التي وصفناما ، والتي كثيرا ما تودي كل المعاناة وكل المضاعفات التي وصفناها ، و التي كثيرا ما تؤدي بحياة المريض ، إذا لم تتوفر شروط المراقبة الطبية الدقيقة.

من أسباب الكزاز لدى المواليد والأطفال

في البلدان النامية،والإفريقية منها بالأساس ، يصاب عدد كبير من المواليد صغار الأطفال بمرض الكزاز ، نتيجة للنقص الشديد في التوعية الصحية لدى الراشد ين .

- وهكذا ، فان هناك مجموعة من الوسائل التقليدية العتيقة ،التي تستعمل ، بالبلدان المذكورة، لتضميد السرة لدى الوليد. وهي وسائل تعتبر من الأسباب الرئيسية للكزاز. إذ أن المواد التي تحتوي عليها الضمادات المذكورة لم تعرف ابد طريقها إلى التعقيم .

ولذلك فهي تعج بمختلف أنواع الجراثيم ، بما فيها بكتيريات الكزاز.

ويتميز هذا المرض بخطورة القصوى لدى هؤلاء المواليد. بل انه ينتهي بالوفاة ، في اغلب الحالات .

- ومن جانب آخر ، فان الختان ، الذي يجرى بمعدات غير معقمة ، يمثل سببا من اساب الكزاز عند الصغار.

والشيء نفسه في ما يتعلق "بعملية " الخفاض ، أي استئصال البظر لدى الطفلة الصغيرة ، وهي عملية لا تزال منتشرة بالعديد من البلدان الإفريقية . ومن السهل أن نتخيل الظروف التي تتم فيها ، والتي تعرض الطفلة للكزاز ، فضلا عن انعكاسات النفسية والفزيولوجية الوخيمة التي ستستمر عمرا بأكمله . 

- ولعملية ثقب الأذنين ، لدى الفتيات الصغيرات ، خطورة لا جدال فيها ، إذا هي تمت دون أية مراعاة للقواعد الضرورية . خصوصا إذا عمد الراشدون إلى إدخال عود دقيق بالثقب الذي تم إحداثه بالأذن، للحيلولة دون انسداده من جديد. فهذا العود الدقيق قد يكون منطلقا لجراثيم الكزاز كي تنفذ إلى الطفلة.

- وثمة سبب آخر من أسباب هذا المرض عند صغار الأطفال بالمناطق المذكورة . وهو يتجلى في القروح و الجروح المزمنة ، التي لا تعالج، إلا نادرا، بالمستحضرات الطبية. و شيئا فشيئا تتراكم فوقها الأتربة، مع العلم أن هذه الأخيرة تعج ، عادة ، ببكتيريا الكزاز.

- وقد دلت بعض الدراسات الإحصائية على أن نسبة حدوث الكزاز ، بالبلدان الإفريقية ، تتجاوز بمائة ضعف مثيلتها في البلدان المتقدمة.

و يبقى تعميم الوقاية ، بطبيعة الحال، هو السبيل الأفضل للحد من انتشار هذا الداء . مع التأكيد على جانبين أساسين و متكاملين: التلقيح ضد مرض الكزاز ، و التوعية الصحية التي تهدف إلى تحسيس الراشدين ، بوجه خاص ، إزاء المخاطر المرتبطة بالممارسات التي سبق ذكرها.

الكزاز والولادة بالمنزل

حين تتم الولادة بالمنزل ، حسب الطرق العتيقة ، فان المرأة لا تكون دائما في مأمن من مرض الكزاز .والشيء نفسه بالنسبة إلى مولودها .

ومع ذلك ، فان ملايين النساء ، بمختلف مناطق العالم ، يضعن حملهن بالمنزل مما يعرضهن ومواليدهن، للمرض .

وتهدف استراتيجية خبراء الصحة، في هذا الميدان ، إلى أمرين اثنين: 

- تحسيس القابلات التقليديات بخطورة الكزاز وبوسائل الوقاية منه .

- تعميم التلقيح المضاد لهذا المرض ، حتى تتوفر المناعة الضرورية لدى النساء. وهي مناعة سوف تنتقل، تلقائيان . إلى مواليدهن .

وما يشجع على تعميم هذا التلقيح هو كون اللقاح ضد الكزاز ليس مرتفع التكليفة ، خلافا لعدد كبير من اللقاحات الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق